مكاتب الاستخدام الخارجي بالسودان الواقع الحالي والمستقبل المنشود
بحسب الارقام المتوفرة فان مكاتب الاستخدام الخارجي في السودان بلغ عددها حتى الشهر الحالي -380 مكتب
فماهو دور مكاتب الاستخدام الخارجي حاليا في السودان؟
ماهي شروط ترخيص مكاتب الاستخدام الخارجي في السودان؟
ماهي المعوقات التي تتعرض لها مكاتب الاستخدام الخارجي في السودان؟
ماهو الدور المأمول مستقبلا لمكاتب الاستخدام الخارجي في السودان؟
الاستخدام الخارجي في السودان نعني به النشاط الذي تمارسه جهات مختصة بقصد توفير وظائف شاغرة للسودانيين للعمل في الخارج وايضا هو نشاط تجاري يسعى للربح من مزاولته لتلك الانشطة ومكاتب الاستخدام الخارجي في السودان حتى مطلع الالفية لم تكن تتجاوز التسعة مكاتب واول مكتب تم تسجيله عام 1992 ولم احصل على دراسة حتى الان توضح ان مكاتب الاستخدام الخارجي في السودان لعبت دورا في زيادة عدد طلبات التوظيف للسودانيين في الخارج وتحديدا في دول الخليج بمعنى ان اسواق العمل الخارجية هي التي تطلب موظفين وليس مكاتب الاستخدام الخارجي في السودان هي التي لعبت دورا في تسويق الموظفين والعامال السودانيين اي جذب تلك الشركات لسوق العمل السوداني.
دور معظم مكاتب الاستخدام الخارجي حاليا بالسودان انها فقط تعمل كوسيط بين صاحب العمل في الخارج في الحصول على الموظف او العامل السوداني للقيام باجراءات السفر ولكن مازال كثير من المكاتب تتعامل مع الاستخدام الخارجي باعتباره عملية سفر بل وهناك مكاتب متخصصة في انشطة سفروليس انشطة استخدام خارجي هذا لاينفي وجود مكاتب استخدام خارجي تقوم بالدور المفترض وهو الدور الاحترافي لمكتب استخدام خارجي ولكن هذا العدد لايمثل الا اقلية من مكاتب الاستخدام الخارجي الحالي.
لو نظرنا للشروط التي تم اعتمادها الان للااشخاص حتى يتمكنوا من الحصول رخصة مكاتب الاستخدام الخارجي في السودان فانها نجدها شروط اجرائية بحتة وليست شروط تعبر عن تخصصية ووفقا للقرار الاداري الصادر رقم 19 لسنة 2011 بتاريخ 9/3/2011 فقد نصت على الاتي:
الشروط والضوابط لطلب ترخيص مكتب استقدام واستخدام.
ان يكون مقدم الطلب سوداني الجنسية.
2-اخضاع طالب الترخيص والعاملين معه للفحص الجنائي والامني.
3-ان يكون له مكتب مستقل يمارس فيه النشاط حسب المواصفات الفنية المقررة لأداء اعمال مكاتب الاستخدام الخارجي وضمان بيئة العمل اللائقة ((بالزبائن)).
4-ان يدفع كفالة متلية قدرها خمسون الف جنيه.
5-ان لايقل مؤهل المدير التنفيذي عن الجامعي والموظفين العاملين معه عن الثانوي.
6-ان يكون صاحب مكتب الاستخدام حاصلا على تفويض من الدول طالبة ((تشغيل)) العمالة السودانية.
ثم بعد ذلك اورد القرار ضوابط المكان الخاص بمزاولة مكتب الاستخدام الخارجي لنشاطه ثم ضوابط عامة.
بموجب هذا القرار فان وزارة العمل لا تتعامل مع الاستخدام الخارجي باعتبار انه تخصص وعلم يتطلب معرفة محددة وخبرة محددة وهذا العلم اسمه ادارة الموارد البشرية واذا اقتطعنا الجزء الخاص بالاستخدام من الموارد البشرية فانه يطلق عليه التوظيف والتوظيف ليس حرفة يتعلمها الشخص بالمزاولة فقط بل هي تتطلب معرفة اساسية ومهمة لذا لا نتفاجأ ان لم تقم مكاتب الاستخدام الخارجي بدورها في الرئيسي وهو الترويج للكفاءات السودانية لان معظمها لا يتعامل مع الاستخدام الخارجي الا في اطار انه عملية اجراءات سفر وتشغيل لبعض السودانيين بالخارج ومرد هذا ان الشروط التي يتم بموجبها منح الترخيص سمحت لمن هم ليس لهم خبر في الاستخدام الخارجي بالعمل فنجد ان بعض اصحاب مكاتب العقارات تحولوا للاستخدام الخارجي وكذلك بعض اصحاب وكالات السفر والسياحة تحولوا او اضافوا نشاط جديد لانشطتهم تلك.
ان دور مكاتب الاستخدام الخارجي المفترض يتمثل في تسويق الموارد البشرية السودانية والايدي العاملة السودانية وتسويق المهارات والكفاءات والقدرات السودانية في سوق العمل الاقليمي والدولي عندما نقول ان دور مكاتب الاستخدام الخارجي هو الترويج للمهارات والقدرات والكفاءات السودانية فان عملية ترويج الموارد البشرية السودانية ليست هي عملية تسليع للموظف السوداني ولكن هي عملية لابراز القدرات والكفاءات وتحسين التصور الذهني للموظف والعامل السوداني, ففي بعض البلدان العربية هناك تصور ذهني سلبي احيانا عن العمالة السودانية وانها تتسم بالكسل والتكاسل ولكن ايضا هناك تصور ذهني ايجابي عن الموظفين والعمال السودانيين ايضا بانهم امينين واعتقد هذه التصورات يجب ان نتعامل معها كوقائع لا ان نرفضها اجمالا بل نتعامل بعكس الصحيح والعمل على تحسين ماهو سلبي بالتدريب والتأهيل ولكن وهذا يفترؤض ان يكون عمل مكاتب الاستخدام الخارجي بالسودان وهمها الاول هو عملية الترويج وخلق صورة ذهنية صحيحة عن الموظف والعامل السوداني وهذه يكون بابتداع اساليب متظورة ولكن هذه لايمكن ان يتم بمعزل عن التخطيط للدولة من خلال وزارة العمل بالسودان وهذا يتطلب سياسة واضحة تجاه تلك المكاتب.
على الرغم من هذه البيئة التي تتواجد فيها مكاتب الاستخدام الخارجي الا ان هناك عقبات تواجه مكاتب الاستخدام الخارجي الحالية وتتمثل تلك العقبات في عدد من المسائل:
1-الرسوم الباهظة لتجديد الترخيص السنوي تبلغ 8 الف جنيه سوداني وهذا مبلغ ليس متصورا ان يكون معقولا او مقبولا.
2-الاجراءات داخل بعض السفارات تقوم بوضع شروط محددة وتعطي رخصة بعد رخصة مكتب العمل لمكاتب محددة وهنا نشير للسفارة السعودية وليس معروفا حتى الان ماهي ضوابط تلك الرخصة فهي حتى الان ممنوحة لعدد لايتجاوز ال30% من مجموع المكاتب بينما ال70% غير ممنوحة لها تلك الرخصة بل واحيانا تمنح لمكتب نال ترخيصه حديثا من وزارة العمل وتمنع من مكتب له عدد كبير من السنوات في هذا المجال بينما هناك سفارات رفضت التعامل مطلقا مع مكاتب الاستخدام الخارجي بالسودان مثل السفارة الليبية والتي لاتتعامل مع اي مكتب استخدام خارجي في السودان حتى الان.
3-اجراءات التفويض الذي تطلبه وزارة العمل والمقصود هنا تفويض الشركات الخارجية لمكتب الاستخدام في السودان لمدها بالموظفين المطلوبين ويجب تحديد الوظائف وعددها ويجب ختم التفويض من الغرفة التجارية او الصناعية بحسب الحال ثم وزارة الخارجية في الدولة المعنية ثم السفارة السودانية في الدولة المعنية وهذا احيانا يكون عسيرا مثلا ان تطلب شركة تعمل في الدمام موظفين فتطلب منها تفويضا هذا يتطلب ارسال موظف للرياض لعمل الاجراءات ثم العودة وقد يكون عدد الوظائف بسيطا والغرض من التفويض بحسب وزارة العمل معروف ان لا يتم احتيال ولكن هذا لايمنع المحتال من ان يحتال فحتى النقود تزور فما اسهل من تزوير التفويض لمن اراد ان يحتال وهذا الاجراء يجعل كثير من الشركات في الخارج غير متشجعة لاجرائه لانه يكلفها وقتا ومالا.
4-ايضا اغراق السوق اي سوق العمل في السودان بعددد كبير من مكاتب الاستخدام الخارجي وهذا ليس مرده احتياج سوق العمل السوداني بل وزارة العمل ترى ان طالما اي فرد مستوفي للشروط الشكلية التي جاءت في القرار اعلاه تصدق له بمكتب استخدام خارجي وبالتالي هي لم تراعي مصالح اصحاب المكاتب بل راعت مصالحها لانها تورد لها مبالغ سنوية من هذه المكاتب يبلغ رسم التجديد 8 الف جنيه اي كلما زاد عدد المكاتب كلما كانت حصيلة الايردات السنوية عالية وهذا الاغراق تعاني منه اسواق اخرى مثل اسواق المحاماة وغيرها وهذا يرتبط بسياسات التعليم وبالعدد المناسب الذي يحتاجه سوق العمل في كل مهنة والا سنجد باستمرار خريجين قانونيين لايعملون بالقانون او لايتكسبون منه كما اننا سنجد بالمقابل مكاتب استخدام خارجي تغلق لان حوجة السوق لا تستوعب هذا الكم الكبير.
5-عمل بعض الجهات غير المرخص لها بالعمل في مجل الاستخدام الخارجي بالسودان ونعني بها بعض وكالات السفر والسياحة وبعض الوكالات العقارية وهذا يتضرر منه اصحاب مكاتب الاستخدام الخارجي بالسودان.
ان المنشود مستقبلا لمعالجة وتطوير هذه الواقع بالنسبة لمكاتب الاستخدام الخارجي في السودان ان يتم اعادة النظر في الشروط التي بموجبها يتم منح تراخيص مكاتب الاستخدام الخارجي في السودان وذلك بالاتي:
اولا : بدأ بتغيير المسمى من مكتب استخدام لمكتب توظيف وهناك فرق في دلالة الكلمة ابتداء حيث ان كلمة استخدام تعبر عن معنى سلبي اقرب للاستغلال بينما دلالة كلمة توظيف اكثر ايجابية وتفيد بتوظيف قدرات الشخص ومهاراته بينما استخدام تعطي دلالة باستخدام الشخص في ذاته هذا من حيث الدلالة اما علميا ففي كل كتب الموارد البشرية الصادرة بالعربية لم اجد كلمة استخدام هذا لاينفي ان بعض الدول العربية مثل المغرب تطلق على العامل في المغرب كلمة الخادم ولكن عموما لانجد استخداما لكلمة استخدام كمرادف للتوظيف.
ثانيا : ان يكون طالب الرخصة لمزاولة مهنة التوظيف حاصل على الاقل على درجة الماجستير في ادارة الموارد البشرية لانه حتى الان لاتوجد درجة بكالريوس تخصص دوارد بشرية ولديه خبرة عمليه لاتقل عن عشرة سنوات في التوظيف ويجب ان تكون لديه تزكيات اي مراجع يحصل منهم على خطابات تزكية ويجب ان يكونوا تلك الموراجع قامات في ادارة الموارد البشرية كما يجب ان يكون عمل معهم الشخص طالب الرخصة كمدراء له ليتمكنوا من تقييمه.
ثالثا : ان يعقد امتحان سنوي لطالبي رخصة مكاتب التوظيف بعد استيفائهم لتلك الشروط العامة للحصول على الترخيص مثل امتحانات القيد الصحفي للصحفيين وامتحان المجلس الطبي للاطباء والمعادلة للقانونيين للعمل في المحاماة.
رابعا : ان يخضع طالب الرخصة بعد اجتيازه للامتحان العام لامتحان تحريري وشفهي للتأكد من قدراته الوظيفية والادارية من قبل لجنة تنتدبها وزارة العمل وبالتالي يجب ان تكون تلك اللجنة اكثر تخصصا وعلما وخبرة وكفاءاة من طالب الرخصة لتستطيع تقييمه.
خامسا : ان تستوثق وزارة العمل من القدرات الفنية بجانب الضوابط الخاصة بالمكان ادوات العمل مثل تأهيل فريق العمل وخطة العمل ووجود نظام تقديم الكتروني لافساح الفرصة للجميع على امتداد السودان للتقديم وليس لسكان الخرطوم فقط ووجود موقع الكتروني لضمان اطلاع الشركات الخارجية على معلومات حول المكتب المعني كما للتأكد ان مكتب التوظيف يقوم بترويج الكفاءات والموارد البشرية السودانية اي انه لديه معرفة وادوات ووسائل وخطط لتسويق الموارد البشرية السودانية وايضا ان تهتم بالنتائج اي الحصول على فرص عمل للموظفين والعمال السودانيين بالخارج وهذه اكد عليها القرار المشار اليه انفا.
سادسا : التخصص اي ان يكون الترخيص مثلا في البدء مقتصرا على تزويد الشركات الخارجية بالموظفين السودانيين الذين لاتتجاوز خبراتهم سنتين او ان يكون المكتب متخصص في نوع او نوعين من التخصصات الوظيفية نحو ان يكون متخصصا في الوظائف الطبية او الوظائف التعليمية او الوظائف الهندسية لان هذا يراكم الخبرات في مجال محدد مما يجعل الوصول للجودة نتيجة متوقعة.
سابعا : الالتزام بتدريب السودانيين الذين يبحثون عن فرص عمل في الخارج على مستويات اساسية نحو صياغة السيرة الذاتية وكيفية ملء طلب التوظيف وكيفية اجابة اسئلة المعاينات وكيفية رسم مسار مهني وان يتم تزويد الذين تم اختيارهم بواسطة الشركات الخارجية بمعلومات كافية عن البلد وثقافتها وعن الشركة وانشطتها وبيئة العمل الداخلية فيها.
ثامنا : وضع ضوابط صارمة بشأن الرسوم المتحصلة من الموظفين او العمال السودانيين الذين تم اختيارهم للوظائف ويجب ان لا يترك فقط لصاحب المكتب تحديد المبلغ كيفما يشاء قد يرى البعض ان هذا تدخل في قانون العرض والطلب ولكن لان طبيعة سوق العمل تختلف من اي سوق فمهم جدا ان يتم ضبط تلك المبالغ وايضا هذه في المرحلة الاولى ولنقل في المرحلة الثانية سيتم منع استلام او تحصيل مبالغ من اي سوداني يحصل على وظيفة بل الشركة التي طلبت الموظف او العامل هي التي تتكفل بنفقات التوظيف ولكن هذا يتطلب حجم كبير من الطلبات على الكفاءات السودانية كما يتطلب توقيع اتفاقيات بين وزارة العمل السودانية ووزارات العمل في الدول الاخرى.
تاسعا : ان تخرج الدولة من المنافسة في سوق العمل بمعنى ان يكون اي طلب لوظائف خارج السودان عبر هذه المكاتب بعد ان يتم تاهيلها بالمقترحات اعلاه لان هناك عدد من الدول تلجأ لوزارة العمل مباشرة لاجراء تعاقدات لبعض الوظائف مثل ما تم اخير لوظائف المعلمين لقطر او ماتم الاسبوع الماضي من الاعلان الذي جاء لوظائف محدددة من سفارة سلطنة عمان لبعض الوظائف اي التقديم تم مباشرة من السفارة وعبر ايميل وبالتالي المعاينات سوف تجريها مباشرة السلطات العمانية بارسال وفد اوغيره ولاجراء هذا التعديل يتطلب اتفاقا مع تلك الدول وتنسيق مع بعثاتها الدبلوماسية في السودان.
على الرغم مما جاء في المقترحات اعلاه هذا لايعني انه لانوجد مكاتب توظيف احترافية في السودان بل توجد مكاتب توظيف احترافية وتقوم بتطبيق كل تلك المعاييرولكنها تشكل اقلية وايضا للمفارقة فان حصتها في السوق اقل بكثير لان هناك طرف خارجي ايضا يؤثر في توفر تلك الوظائف الشاغرة لاي مكتب وهنا العملية الى حد كبير تلعب فيها المعرفة السابقة او العلاقة الاجتماعية دورا اكثر وقد يصل احيانا للشراكة او دفعه نسب , وللمحافظة على هذه المهنة ولتطويرها وترقيتها يجب احداث نقلة فيها وهذه النقلة سيستفيد منها سوق العمل السوداني من حيث توفر مزيد من الوظائف ومن حيث وضع شروط عمل جيدة للموظفين والعمال السودانيين ومن حيث مرود اقتصادي للدولة بتوفير عملات صعبة اكثر ومن حيث خلق تصور ذهني جيد عن العمالة والموظفين السودانيين في سوق العمل الخارجي لانها تقوم بعملية الترويج وخلق هذا التصور مكاتب توظيف محترفة ومتخصصة ومثل ماحادث مع بعض الجنسيات فمثلا تتميز الفلبين بالكوادر المساعدة الماهرة في مجال التمريض والعلاج الطبيعي كما تتميز الهند بالكوادر المؤهلة في البرمجيات وتقنية المعلومات …الخ فاننا يجب ان نعمل لخلق علامة مميزة للموارد البشرية السودانية.
اختم واقول ان تطوير الوضع الحالي والقيام باجراءات تدريجية للوصول لهذه الوضعية في المستقبل يتطلب سياسات متدرجة وعلى مستويين مستوى قصير الاجل باعتماد المعايير المشار اليها لكل تراخيص المكاتب الجديدة ومستوى متوسط الاجل بالطلب في فترة محددة من المكاتب الحالية بتوفيق اوضاعها لانها ايضا – واقصد مكاتب الاستخدام الخارجي الحالية التي لا تنطبق عليها المعايير المقترحة – ستستفيد من ترقية الخدمات التي تقدمها لعملائها سواء كانت شركات من خارج السودان او سواء كانوا موظفين او عمال سودانيين مما يجعل سوق عملها يزدهر لانها سوف تحوز على رضى عملائها وان اي رفض للتطور والتغييرسوف يتضرر منه سوق العمل في المستوى القصير وسوف تتضر منه هذه المكاتب في المستوى البعيد.