استقدام العمالة السودانية بالخليج لماذا؟
استقدام العمالة السودانية بالخليج لماذا؟
ما الذي يجعل العامل او الموظف السوداني مميزا عن غيره؟
في زيارتي للكويت العام قبل الماضي والتي كانت زيارة عمل التقيت بكثير من
الكويتيين وكانوا دائما ما يثيرون نقطة عدم وجود سودانيين في سوق العمل
الكويتي فوقتها كان عدد السودانيين لايتجاوز الخمسة الف مقارنة بجاليات
اخرى مثل الاثيوبيين 70 الف واكثر من 600 الف من المصريين واثنين مليون من
شرق اسيا والكل يعلم ان منذ خروج السودانيين بعدحرب الخليج في عام 1990 لم
يستطيعوا دخول سوق العمل الكويتي مرة اخرى الا بعد مرور عشرين عاما اي بعد
العام 2010 وكان هذا من المسائل التي اثارها بعض ارباب العمل الكويتيين معي
فقلت لهم لماذا تفتقدون السودانيين في سوق العمل ؟ فكانت اجاباتهم مختلفة
ولكن من اهم الاجابات التي اعتبرها ميزة كبيرة هي قول احد المحامين
الكويتيين ان وزارة الداخلية تصدر سجل جنائي سنوي بالجرائم المرتكبة
وجنسيات مرتكبيها فقال لي ان ترتيب ارتكاب السودانيين للجرائم يأتي في
المرتبة الاخيرة وجرائمهم هي اما مخالفة سير (مخالفة مرورية) او سكر
والجريمتين لاتؤثران في المجتمع مقارنة بالجرائم التي تصدع منها المجتمع
الكويتي مثل جرائم السرقة بالاكراره وبعضا الجرائم الاخرى المرتبطة بوجود
اجانب يعملون داخل المنازل ايضا جاء خبر منشور في صحف الاسبوع الماضي ان
الملك سلمان ملك المملكة قد قال نفس التعليق عن السجل الجنائي للسودانيين
في السعودية على الرغم من ان عددهم يتجاوز المليون ومائتين الف سوداني مقيم
بالمملكة العربية السعودية فمع ضخامة هذا العدد اود ان اطرح عدد من
الاسئلة:
لماذا يتم استقدام السودانيين للعمل في اسواق العمل الخليجية؟
ماهي مميزات العامل السوداني التي تجعله مطلوبا للاستقدام في سوق العمل الخليجي؟
ما الذي يحفز الشركات واصحاب العمل في الخليج لاستقدام العمالة السودانية؟
هذا المقال هو محاولة للاطلاع على مزايا ومواصفات ((في الجانب الاخلاقي ))
تتسم بها العمالة السودانية والموظفين السودانيين وهذه السمات والمواصفات
تجعلهم مطلوبين ومرغوبين للاستقدام للعمل في سوق العمل الخليجي عموما
والسعودي خصوصا وايضا في سوق العمل الليبي والاردني اخيرا.
تتمير العمالة السودانية والموظفين السودانيين بقدرة عالية على المرونة
والتأقلم مع نظام العمال الذي يوضع فيه ففي اللحظة التي يتم استقدام العامل
السوداني او الموظف السوداني في شركة خليجية ويصبح جزء من النظام للعمل
لتلك الشركة تجده سرعان ما يصبح مكتسبا لثقافة المؤسسة والمنظمة التي اصبح
جزء منها وللعمالة السودانية قدرة عالية على الاحتفاظ بولائهم لاصحاب العمل
والشركات ومرد هذه الولاء له علاقة بثقافة عامة لدى السودانيين وهي ثقافة
الشفافية فتجد معظم السودانيين يتسمون بان يكونوا واضحين وصرحاء ولذلك اذا
ما قرر العامل السوداني ان يكون جزء من الشركة ورضي بشروط العمل فتجده
يتكون لديه ولاء شديد للمؤسسة التي يعمل بها وايضا ربما يكون ولاء العامل
السوداني والموظف السوداني هو الرضا والقناعة بأنه سوف يصل الى ما يريد
بالصبر وحسن الاداء واحسان الظن بالاخرين سواء كانوا الاخرين اشخاص طبيعيين
او شخصيات اعتبارية.
الامانة والصدق والنزاهة عند العمالة السودانية ليست صفة يكتسبها العامل او
الموظف السواني بالانضمام للشركة التي يعمل بها بل هي صفات تجدها متفشية
بصورة عامة عند السودانيين لدرجة ان الاستثناء ان يكون السوداني عموما غير
ذلك وهذه الصفات هي من اهم الصفات التي تحفز صاحب العمل في السوق الخارجي
او الداخلي لاستقدام العمالة السودانية والموظفين السودانيين خاصة في
الوظائف التي تتطلب احتكاك للعمالة السودانية بالاسر او الوظائف التي تتطلب
طبيعتها قدر عالي من الامانة.
التواضع والمرونة وتقبل الاخر من مميزات العمالة السودانية على الرغم من
اعتزاز العمالة السودانيين بهويتهم الاجتماعية الا انهم متقبلون للاخر
عموما ولذلك تجد تعاملهم وتقبلهم للاخرين يجعلهم مطلوبين للاستقدام من
السودان لسوق العمل الخارجي والتواضع عند العمالة السودانية والموظفين
السودانيين هي سمة غالبة وتجد كثير من الاجانب يستغربون من طريقة تحدث
المدراء السودانيين مع مرؤسيهم والعكس الصحيح وهذا التواضع بين العمال
والمدير وبين اصحاب العلم والمعرفة وبين الذين يلوونهم يكون دائما حافزا
للشركات لتوظيف العمالة السودانية والسودانيين لهم ميزة تحب من باب التواضع
وهي عدم الادعاء بالمعرفة او العلم وهذه السمة سمة عامة لدى العمالة
السودانية لذل يكون استقدامهم مفضل دائما.
الشهامة والمروءة من امبز مميزات العمالة السودانية للدرجة التي تجعلهم لا
يستنكرون تقديم الجميل والمعروف للاخرين فكثير من العمال السودانيين
والموظفين السودانيين يقدمون على الشهامة بشكل طبيعي ومن غير تكلف مما يجعل
العمال السودانيين والموظفين السودانيين دائما ملاذا لكل طالب حاجة وهذه
سمة تولد المبادرة وتحفز الاخرين وايضا تعتبر ميزة وصفة مهمة لدى العمالة
السودانية والموظفين السودانيين وهي سببا من اسباب الاستقدام للسودانيين في
سوق العمل.
الشجاعة في ابداء الرأي ميزة جعلت كثير من السودانيين يضيفون اضافات كبيرة
للمؤسسات التي يعملون بها وهي ميزة تصل حد ان يخاطر العامل السوداني او
الموظف السوداني بوظيفته احيانا في سبيل طرح وجهة نظر يرى انها لمصلحة
المؤسسة التي يعمل بها فنجد قيمة ابداء الرأي حتى ولو كان يجلب نقمة من
صاحب العمل مقدما على السكوت ومميزات هذه الصفة انها مكنت كثيرا من
المؤسسات والشركات من معالجة او اكتشاف كثير من المشكلات داخل شركاتهم وعلى
الرغم من ان البعض من الشركات والمدراء واصحاب العمل لا يتقبل هذه الصفة
في السودانيين الا ان السواد الاعظم من اصحاب العمل والشركات تجعل هذه
الصفة جاذبة للعمالة السودانية لاستقدامهم للعمل في الخارج.
كل هذه الصفات والسمات الاخلاقية تجعل من كلمة سوداني او زول علامة مميزة
في سوق العمل الخارجي وهي علامة غير قابلة للصدأ على الرغم من كثير من
التحولات الاجتماعية والاقتصادية التي تعرض لها السودان وربما يطرأ طارئ
فيؤثر تأثير سطحي لكن يظل العامل السوداني اصيلا ومعدن نفيسا .
ولقد ظلت أخلاق العاملين السودانيين بالخارج هي القوة الناعمة التي امتلكها
السودان على مدار الخمسين عاما الماضية وهي التي صنعت الصورة الذهنية عن
السوداني في الخارج وهي الصورة التي نفخر بها عموما ومانقرأه في السنوات
الاخيرة عن بعض السودانيين هو الاستثناء الطارئ الذي سيمضي مع اسباب وجوده.