إن المنشود مستقبلاً لمعالجة وتطوير واقع مكاتب الاستخدام الخارجي في السودان أن يتم إعادة النظر في الشروط التي بموجبها يتم منح تراخيص مكاتب الاستخدام الخارجي في السودان وذلك بالآتي:

 أولاً بدأ بتغيير المسمى من مكتب استخدام لمكتب توظيف والغرض الرئيس منه تقديم خدمة التوظيف وهناك فرق في دلالة الكلمة ابتداء حيث أن كلمة استخدام تعبر عن معنى سلبي اقرب للاستغلال بينما دلالة كلمة توظيف أكثر إيجابية وتفيد بتوظيف قدرات الشخص ومهاراته بينما استخدام تعطي دلالة باستخدام الشخص في ذاته هذا من حيث الدلالة أما علمياً ففي كل كتب الموارد البشرية الصادرة بالعربية لم نجد كلمة استخدام ، وهذا لا ينفي أن بعض الدول العربية مثل المغرب تطلق على العامل في المغرب كلمة الخادم ولكن عموماً لأنجد استخداماً لكلمة استخدام كمرادف للتوظيف.

ثانياً: أن يكون طالب الرخصة لمزاولة مهنة التوظيف حاصل على الأقل على درجة الماجستير في إدارة الموارد البشرية لأنه حتى الآن لا توجد درجة بكالوريوس تخصص موارد بشرية ولديه خبرة عمليه لا تقل عن عشر سنوات في التوظيف ويجب أن تكون لديه تزكية أي مراجع يحصل منهم على خطابات تزكية ويجب أن يكونوا تلك المراجع قامات في إدارة الموارد البشرية كما يجب أن يكون عمل معهم الشخص طالب الرخصة كمدراء له ليتمكنوا من تقييمه.

ثالثاً: أن يعقد امتحان سنوي لطالبي رخصة مكاتب التوظيف بعد استيفائهم لتلك الشروط العامة للحصول على الترخيص مثل امتحانات القيد الصحفي للصحفيين وامتحان المجلس الطبي للأطباء والمعادلة للقانونيين للعمل في المحاماة.

رابعاً: أن يخضع طالب الرخصة بعد اجتيازه للامتحان العام لامتحان تحريري وشفهي للتأكد من قدراته الوظيفية والإدارية من قبل لجنة تنتدبها وزارة العمل وبالتالي يجب أن تكون تلك اللجنة أكثر تخصصاً وعلماً وخبرة وكفاءة من طالب الرخصة لتستطيع تقييمه.

خامساً: أن تستوثق وزارة العمل من القدرات الفنية بجانب الضوابط الخاصة بالمكان  من أدوات العمل مثل تأهيل فريق العمل وخطة العمل ووجود نظام تقديم الكتروني لإفساح الفرصة للجميع على امتداد السودان  للتقديم وليس لسكان الخرطوم فقط ووجود موقع الكتروني لضمان اطلاع الشركات الخارجية على معلومات حول المكتب المعني كما للتأكد أن مكتب التوظيف يقوم بترويج الكفاءات والموارد البشرية السودانية أي أنه لديه معرفة وأدوات ووسائل وخطط لتسويق الموارد البشرية السودانية وأيضاً  أن تهتم بالنتائج أي الحصول على فرص عمل للموظفين والعمال السودانيين بالخارج وهذه أكد عليها القرار المشار اليه آنفاً.

سادساً: التخصص لمكاتب الاستخدام بحيث يتم تقسيمها لتخصصات على حسب سنوات الخبرة أي أن يكون الترخيص مثلاً في البدء مقتصراً على تزويد الشركات الخارجية بالموظفين السودانيين الذين لا تتجاوز خبراتهم سنتين أو أن يكون المكتب متخصص في نوع أو نوعين من التخصصات الوظيفية نحو أن يكون متخصصاً في الوظائف الطبية أو الوظائف التعليمية أو الوظائف الهندسية لأن هذا يراكم الخبرات في مجال محدد مما يجعل الوصول للجودة نتيجة متوقعة.

سابعاً: إلزام مكاتب الاستخدام بتدريب السودانيين الذين يبحثون عن فرص عمل في الخارج على مستويات أساسية نحو صياغة السيرة الذاتية وكيفية ملء طلب التوظيف وكيفية إجابة أسئلة المعاينات وكيفية رسم مسار مهني بالإضافة للمهارات الإدارية وأن يتم تزويد الذين تم اختيارهم بواسطة الشركات الخارجية بمعلومات كافية عن البلد وثقافتها وعن الشركة وأنشطتها وبيئة العمل الداخلية فيها.

ثامناً: بحسب قانون العمل المادة 9/1 فإن مكاتب الاستخدام لا يحق لها استلام رسوم من العامل أو الموظف السوداني الذي توفر له فرصة عمل عن طريقها ولكن في كثير من الحالات لا يتم هذا ولا يتم الالتزام بهذا النص وهذا معلوم للكافة وذلك لضرورات مفهومة وهي أن كثير من الشركات الاجنبية لا تدفع لمكاتب الاستخدام رسومها بل تطلب منها أحياناً تحمل رسوم الإجراءات الخاصة بالإقامة في البلد المعني للعامل أو الموظف، وبالتالي لا يمكن الاستمرار مع هذه المادة بل يجب تعديل المادة  حتى تكون الايرادات لهذه المكاتب واضحة ولكن مع تعديل القانون يجب وضع ضوابط صارمة بشأن الرسوم المتحصلة من الموظفين أو العمال السودانيين الذين تم اختيارهم للوظائف ويجب أن لا يترك فقط لصاحب المكتب تحديد المبلغ كيفما يشاء قد يرى البعض أن هذا تدخل في قانون العرض والطلب ولكن لأن طبيعة سوق العمل تختلف من أي سوق فمهم جدا أن يتم ضبط تلك المبالغ وأيضاً  هذه في المرحلة الأولى ولنقل في المرحلة الثانية سيتم منع استلام أو تحصيل مبالغ من اي سوداني يحصل على وظيفة بل الشركة التي طلبت الموظف أو العامل هي التي تتكفل بنفقات التوظيف ولكن هذا يتطلب حجم كبير من الطلبات على الكفاءات السودانية كما يتطلب توقيع اتفاقيات بين وزارة العمل السودانية ووزارات العمل في الدول الأخرى.

تاسعاً: أن تخرج الدولة من المنافسة في سوق العمل الخارجي بمعنى أن يكون اي طلب لوظائف خارج السودان  عبر هذه المكاتب بعد أن يتم تأهيلها بالمقترحات أعلاه لأن هناك عدد من الدول تلجأ لوزارة العمل مباشرة لإجراء تعاقدات لبعض الوظائف مثل ما تم أخيراً لوظائف المعلمين لدولة قطر أو ما تم اقل ذلك من الإعلان الذي جاء لوظائف محددة من سفارة سلطنة عمان لبعض الوظائف أي التقديم تم مباشرة من السفارة وعبر إيميل وبالتالي المعاينات سوف تجريها مباشرة السلطات العمانية بإرسال وفد أو غيره ولإجراء هذا التعديل  يتطلب اتفاقاً مع تلك الدول وتنسيق مع بعثاتها الدبلوماسية في السودان .

عاشراً: فصل مكاتب الاستخدام الخارجي وتقسيمها لقسمين مكاتب التوظيف وهي معنية بالتعامل المباشر مع الشركات الخارجية التي تتطلب موارد بشرية سودانية ودورها توفير تلك الموارد البشرية بالشروط الاحترافية ومكاتب تعقيب يأتي دورها بعد عملية اختيار المرشحين وتوقيع العقود معهم ويكون دورها القيام بإجراءات السفر وتشمل الفحص الطبي والفحص الجنائي والتأشيرة من السفارة وتأشيرة الخروج و حجز التذاكر ويمكن أن تكون ضوابط مكاتب التعقيب أو السفر هي الضوابط المشار اليها في القرار اعلاه لأنها لا تتطلب حرفية أو مهنية أو تخصص بينما مكاتب التوظيف تتطبق عليها المعايير المقترحة وأن يترك لكل مكتب قائم الأن حرية اختيار أن يكون مكتب توظيف أو مكتب تعقيب أو ينشئ المكتبين لكن يشترط أن يلتزم بالمعايير.

حادي عشر: لا يوجد تشريع يعالج مسألة الاستخدام الخارجي وحقوق الموظفين والعاملين السودانيين وحقوق وواجبات مكاتب الاستخدام السودانية لدى الشركات الأجنبية كما لا يوجد بشأن تشريعات الحد الادنى للأجور التي يجب أن ييتم بها قبول طلبات توظيف السودانيين فوجود تشريع جديد للاستخدام أصبح ضرورة فلا يمكن لأكبر نشاط اقتصادي حالياً يوفر عشرات الآلاف من فرص العمل الحقيقية لا توجد بنية تشريعية تنظمه بل يعتمد على قرارات وسياسات متبدلة ومتغيرة.

ثاني عشر: لا توجد ملحقيات عمالية بالسفارات وهذه منقصة كبيرة للعمل الدبلوماسي فهناك كثير من النزاعات العمالية يحتاج لمتخصصين لمعالجة المشكلات وهنا نقصد بضرورة وجود الملحقيات في الدول التي بها جاليات سودانية أو موظفين وعاملين سودانيين يتجاوزون المائة ألف مثلاً.

على الرغم مما جاء في المقترحات أعلاه هذا لا يعني أنه لا توجد مكاتب توظيف احترافية في السودان  بل توجد مكاتب توظيف احترافية وتقوم بتطبيق كل تلك المعايير ولكنها تشكل أقلية وأيضاً  للمفارقة فأن حصتها في السوق أقل بكثير لأن هناك طرف خارجي أيضاً  يؤثر في توفر تلك الوظائف الشاغرة لأي مكتب وهنا العملية الى حد كبير تلعب فيها المعرفة السابقة أو العلاقة الاجتماعية دوراً أكثر وقد يصل أحياناً للشراكة أو دفعه نسب، وللمحافظة على هذه المهنة ولتطويرها وترقيتها يجب إحداث نقلة فيها وهذه النقلة سيستفيد منها سوق العمل السوداني من حيث توفر مزيد من الوظائف ومن حيث وضع شروط عمل جيدة للموظفين والعمال السودانيين ومن حيث مردود اقتصادي للدولة بتوفير عملات صعبة أكثر ومن حيث خلق تصور ذهني جيد عن العمالة والموظفين السودانيين في سوق العمل الخارجي لأنها تقوم بعملية الترويج وخلق هذا التصور مكاتب توظيف محترفة ومتخصصة ومثل ما هو حادث مع بعض الجنسيات فمثلا تتميز الفلبين بالكوادر المساعدة الماهرة في مجال التمريض والعلاج الطبيعي كما تتميز الهند بالكوادر المؤهلة في البرمجيات وتقنية المعلومات …الخ فأننا يجب أن نعمل لخلق علامة مميزة للموارد البشرية السودانية.

نختم ونقول أن تطوير الوضع الحالي والقيام بإجراءات تدريجية للوصول لهذه الوضعية في المستقبل يتطلب سياسات متدرجة وعلى مستويين مستوى قصير الأجل باعتماد المعايير المشار اليها لكل تراخيص المكاتب الجديدة ومستوى متوسط الاجل بالطلب في فترة محددة من المكاتب الحالية بتوفيق أوضاعها لأنها أيضاً  – واقصد مكاتب الاستخدام الخارجي الحالية التي لا تنطبق عليها المعايير المقترحة – إذا طبقت المعايير المقترحة ستستفيد من ترقية الخدمات التي تقدمها لعملائها سواء كانت شركات من خارج السودان  أو سواء كانوا موظفين أو عمال سودانيين مما يجعل سوق عملها يزدهر لأنها سوف تحوز على رضى عملائها وأن أي رفض للتطور والتغيير سوف يتضرر منه سوق العمل في المستوى القصير وسوف تتضرر منه هذه المكاتب في المستوى البعيد.

Share

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This field is required.

This field is required.

× How can we Help you?